متوفرة مجلة نجاح في الاسواق ..
أنا موظف
أنا موظف
هناك فرق شاسع بين التطلع للأفضل والهروب من التحدي
من منا لم يحلم بالحصول على وظيفة تكفل له ولأسرته الحياة الكريمة والاستقرار المعيشي, وربما قمنا بخطوات كبيرة لتحقيق ذلك الحلم وتلك الرغبة الملحّة, حيث لا يهدأ لنا بال حتى نحصل على مرادنا, وننعم ببعض لحظات الراحة والانتصار عندما نجلس على المكتب الذي طالما تمنينا الجلوس عليه.
مياسة النخلاني----
ولكن كما يقال باللهجة المصرية "يا فرحة ما تمت" فما أن تمضي الأيام سريعاً حتى نجد أنفسنا نغوص في محيط من المشاكل والمنغصات والمضايقات في العمل الجديد. وكلما زادت المنغصات وأثقلت برحاها على صدورنا يبدأ نفورنا بالظهور من واقع العمل, وتترسخ في عقولنا فكرة الهروب إلى عمل آخر عله يكون أفضل حالاً وأخف ثقلاً. ولعل الحظ يحالفنا بعمل جديد آخر, ونتنفس الصعداء بالتخلص من ذلك الكابوس المرعب, لكن ما نلبث قليلاً حتى ندرك مع مرور الأيام أن العمل السابق كان أفضل. وكما يقال باللهجة العامية "كأنك يا بو زيد ما غزيت" لندرك عندئذ أننا ندور في حلقة مفرغة من الشكوى والهروب غير المجدي. فبينما غيرنا قد استقروا في وظائفهم بل وبدؤوا بالارتقاء في السلم الوظيفي, وكوّنوا سمعة طيبة في أماكن عملهم, لا نزال نحن نتخبط من شركة إلى أخرى, ومن عمل لآخر, لنكتشف في نهاية المطاف أننا لم نتعدى نقطة الصفر, لأننا ما إن نتعداها بخطوات بسيطة حتى نعود إليها من جديد, عاجزين عن إثبات أنفسنا في مكان واحد, أو اكتساب خبرة واسعة في مجال معين, فكل الخبرات التي كوّناها لا تصب في قالب واحد بل تتوزع في عدة قوالب مشتتة مثل تشتت أذهاننا..
الهروب ليس حلاً, ولنكن متأكدين أنه لا يوجد عمل دون أية منغصات أو مشاكل. وكل ما يحتاجه الأمر التفكير بايجابية, فنحن على الأقل لدينا مكان نعمل فيه, وفرصة لإثبات أنفسنا ومهاراتنا وقدراتنا الكامنة, وأن نكتسب ونتعلم من الآخرين حولنا. وكل ما يتطلبه الأمر ألا نسلّم أنفسنا للأفكار السلبية والانهزامية والرغبة الملحة في الهروب والبحث عن أسهل الطرق وأقصرها.
لنعتبر أننا في تحدي, فهل يا ترى بمجرد الوقوف أمام تحدٍ حقيقي نكون انهزاميين و ننسحب بهدوء باحثين عن تحدٍ أسهل وطريق أقل وعورة؟!
كل ما كان التحدي صعباً, فلتكن عزائمنا أعتى وأكثر صلابة, فلا نحاول الانسحاب والتواري, وتعليق أخطائنا وتقصيرنا على شماعة مكان العمل أو المدراء والزملاء من حولنا, بل لنثبت لأنفسنا أولاً ومن ثم لكل من حولنا بأننا قادرون على التغلب على كل الصعاب والعقبات إذا ما آمنا حقاً بذواتنا, عندها سنستصغر كل المشاكل التي نشتكي منها.
وبطبيعة الحال لا يعني ذلك التوقف عن التطلع لفرص عمل أفضل, فبالعكس كُن ذلك المتطلع الطموح الراغب باستمرار في التطور والاكتساب والتعلم, لكن تذكر أن هناك فرقاً شاسعاً بين التطلع للأفضل والهروب من التحدي.
باختصار كُن كالشجرة الثابتة, جذورها ممتدة في أعماق الأرض وأغصانها تتجه نحو المعالي, فلا تزعزعها ريح مهما اشتدت. واحذر أن تكون تلك الورقة اليابسة التي تحركها الريح يمنة ويسرة. وإذا ما اشتدت قليلاً سقطت على الأرض خائرة القوى, عديمة الحيلة, تدوسها الأقدام, وتغيبها الحشائش القصيرة, لتنتهي.. كأنها لم تكن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق