المجلة متوفرة في الاسواق ..
أنا موظف
هل أنت رقيب على ذاتك؟
من المعروف أن المؤسسات والشركات تعمل على وضع القوانين واللوائح, وأحياناً الجزاءات والعقوبات, لتسيير العمل كما ينبغي ولضمان عدم انفلات الموظفين عن المسار الصحيح, لكن الحقيقة التي لابد أن نستوعبها جيداً أن كل تلك القوانين والتشريعات مهما كانت صارمة لا تؤتي بأفضل ثمارها؛ ما لم تتولد لدينا كموظفين نوع من الرقابة الذاتية النابعة من أعماقنا, تُلزمنا بالانضباط والتقيد بأخلاقيات العمل دون الحاجة لوجود رقيب أو حسيب يتصيد أخط
أنا موظف
هل أنت رقيب على ذاتك؟
من المعروف أن المؤسسات والشركات تعمل على وضع القوانين واللوائح, وأحياناً الجزاءات والعقوبات, لتسيير العمل كما ينبغي ولضمان عدم انفلات الموظفين عن المسار الصحيح, لكن الحقيقة التي لابد أن نستوعبها جيداً أن كل تلك القوانين والتشريعات مهما كانت صارمة لا تؤتي بأفضل ثمارها؛ ما لم تتولد لدينا كموظفين نوع من الرقابة الذاتية النابعة من أعماقنا, تُلزمنا بالانضباط والتقيد بأخلاقيات العمل دون الحاجة لوجود رقيب أو حسيب يتصيد أخط
اءنا.
مياسة النخلاني
وفي حال غياب هذا النوع من الرقابة, فلن تُجدي أية رقابة أخرى في إلزامنا بتطبيق قوانين العمل وتسخير جلّ طاقاتنا وإمكانياتنا للعمل والإنتاج لإنجاح المؤسسة التي ننتمي إليها, أو على الأقل سيظل همنا الوحيد كيف نتملص من تلك القوانين لنبحث عن الثغرات التي من خلالها نخفف عن كاهلنا بعض الالتزامات, وذلك لأننا لا نستشعر المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقنا.
أذكر جيداً حين كنا في المدرسة الابتدائية, فبمجرد خروج معلمتنا من الفصل, كانت الفوضى تعم المكان, رغم أن المعلمة قد بح صوتها وهي تنبّه وتتوعد كل من يتحرك من مكانه, لكن صدَق المثل: إذا غاب القط.. العب يا فأر, فبالنسبة لنا ونحن في ذلك السن كان الرقيب الأول والأخير علينا المعلمة, حتى وإن كان علينا إكمال بقية الدرس الذي لم نكتب منه إلا "بسم الله الرحمن الرحيم", إلا أننا نرمي كل شيء لنلعب ونمرح.
بطبيعة الحال تغيَّر هذا التفكير مع تقدمنا في المراحل الدراسية. صحيح أننا كنا نستمر في اللعب والمرح بعد خروج المعلم, لكن بعد أن نكمل كتابة بقية الدرس. لأنه قد سبق وتولد لدينا شعور بالمسؤولية, وأصبحنا ندرك أن علينا التزام نقوم به, وسواءً حضر المعلم أم غاب, فلن يؤثر ذلك على أدائنا.
وحتى في الفترة الجامعية حيث لا وقت محدد للمحاضرات, إلا أننا كنا نلتزم بحضورها في حين كان بمقدرنا اختلاق الأعذار والتغيب عنها كيفما نشاء, لكن ذلك لم يحدث لأن التزامنا كان نابعاً من أعماقنا, وهذا ما يسمى بـ "الرقابة الذاتية".
ما أريد أن أصل إليه هو أننا وبعد أن تخطينا كل تلك المراحل, ووصلنا إلى النضوج والوعي الكافيين لنكون أكثر قدرة على إدارة حياتنا دون الحاجة إلى رقابة الآخرين إلا من باب الاستشارة أو الفضفضة أحياناً, فما بالنا نعود بكامل إرادتنا إلى الوراء وربما إلى نقطة البداية, فأن نكون موظفين ويكون علينا مدراء ومسؤولين عن تطبيق القوانين واللوائح, لا يعني ذلك أن بحضورهم نطبق النظام ونعمل بجد واجتهاد فقط ليقال عنا أننا موظفون مثاليون, وإذا غابت تلك الرقابة, إذ بنا- للأسف الشديد- نرجع لأيام الابتدائية وشقاوتها, مختلقين أعذاراً واهية نريح بها ضمائرنا رغم إدراكنا أن ما نفعله خاطئ بامتياز.
من هنا وقبل أن يكون هناك مدير, لدينا ضمير ينبض في أعماقنا يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ, وبين ما يجب وما لا يجب, فأنا لا ألتزم ليقال عني "موظف جيد", ولا أحاول أن أبحث عن النجاح في عيون الآخرين, بل في مقدار الإنجاز الذي أقدمه لأستحق العائد الذي سأحصل عليه كموظف, سواءً أكان مادياً أم معنوياً.
علينا أن ندرك جيداً أننا لا نعمل ولا ننجز ولا نلتزم فقط ليرى الآخرون أننا أناس منجزين, وإذا ما اعترفوا بذلك ملأ الرضا أنفسنا, لنقتنع تماماً بأننا كذلك, فقيمتنا كبشر تكون بمقدار العمل والإنجاز الذي نقوم به, وكما قال عليه أفضل الصلاة والسلام:" إذا عمل أحدكم عملاً فليتمّه".
******
مياسة النخلاني
وفي حال غياب هذا النوع من الرقابة, فلن تُجدي أية رقابة أخرى في إلزامنا بتطبيق قوانين العمل وتسخير جلّ طاقاتنا وإمكانياتنا للعمل والإنتاج لإنجاح المؤسسة التي ننتمي إليها, أو على الأقل سيظل همنا الوحيد كيف نتملص من تلك القوانين لنبحث عن الثغرات التي من خلالها نخفف عن كاهلنا بعض الالتزامات, وذلك لأننا لا نستشعر المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقنا.
أذكر جيداً حين كنا في المدرسة الابتدائية, فبمجرد خروج معلمتنا من الفصل, كانت الفوضى تعم المكان, رغم أن المعلمة قد بح صوتها وهي تنبّه وتتوعد كل من يتحرك من مكانه, لكن صدَق المثل: إذا غاب القط.. العب يا فأر, فبالنسبة لنا ونحن في ذلك السن كان الرقيب الأول والأخير علينا المعلمة, حتى وإن كان علينا إكمال بقية الدرس الذي لم نكتب منه إلا "بسم الله الرحمن الرحيم", إلا أننا نرمي كل شيء لنلعب ونمرح.
بطبيعة الحال تغيَّر هذا التفكير مع تقدمنا في المراحل الدراسية. صحيح أننا كنا نستمر في اللعب والمرح بعد خروج المعلم, لكن بعد أن نكمل كتابة بقية الدرس. لأنه قد سبق وتولد لدينا شعور بالمسؤولية, وأصبحنا ندرك أن علينا التزام نقوم به, وسواءً حضر المعلم أم غاب, فلن يؤثر ذلك على أدائنا.
وحتى في الفترة الجامعية حيث لا وقت محدد للمحاضرات, إلا أننا كنا نلتزم بحضورها في حين كان بمقدرنا اختلاق الأعذار والتغيب عنها كيفما نشاء, لكن ذلك لم يحدث لأن التزامنا كان نابعاً من أعماقنا, وهذا ما يسمى بـ "الرقابة الذاتية".
ما أريد أن أصل إليه هو أننا وبعد أن تخطينا كل تلك المراحل, ووصلنا إلى النضوج والوعي الكافيين لنكون أكثر قدرة على إدارة حياتنا دون الحاجة إلى رقابة الآخرين إلا من باب الاستشارة أو الفضفضة أحياناً, فما بالنا نعود بكامل إرادتنا إلى الوراء وربما إلى نقطة البداية, فأن نكون موظفين ويكون علينا مدراء ومسؤولين عن تطبيق القوانين واللوائح, لا يعني ذلك أن بحضورهم نطبق النظام ونعمل بجد واجتهاد فقط ليقال عنا أننا موظفون مثاليون, وإذا غابت تلك الرقابة, إذ بنا- للأسف الشديد- نرجع لأيام الابتدائية وشقاوتها, مختلقين أعذاراً واهية نريح بها ضمائرنا رغم إدراكنا أن ما نفعله خاطئ بامتياز.
من هنا وقبل أن يكون هناك مدير, لدينا ضمير ينبض في أعماقنا يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ, وبين ما يجب وما لا يجب, فأنا لا ألتزم ليقال عني "موظف جيد", ولا أحاول أن أبحث عن النجاح في عيون الآخرين, بل في مقدار الإنجاز الذي أقدمه لأستحق العائد الذي سأحصل عليه كموظف, سواءً أكان مادياً أم معنوياً.
علينا أن ندرك جيداً أننا لا نعمل ولا ننجز ولا نلتزم فقط ليرى الآخرون أننا أناس منجزين, وإذا ما اعترفوا بذلك ملأ الرضا أنفسنا, لنقتنع تماماً بأننا كذلك, فقيمتنا كبشر تكون بمقدار العمل والإنجاز الذي نقوم به, وكما قال عليه أفضل الصلاة والسلام:" إذا عمل أحدكم عملاً فليتمّه".
******
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق