Custom Search

السبت، 14 يوليو 2012

الإرادة والإدارة

الإرادة والإدارة

كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان, ميزان التقدم الاجتماعي بكافة صوره وأنساقه. أعني كلمتي "الإرادة" و "الإدارة ". ولا نظن أن الصدفة وحدها هي التي جانست بين حروف الكلمتين. فقد عرفنا أن منتج اللغة الأول كان صاحب فلسفة في الجناس على وجه التحديد. فهو لا يجانس بين الألفاظ إلا إذا شعر برابطة "ما" بين معانيها. والفرق بين "أراد" و"أدار" على المستوى الصوتي, هو في ترتيب حرفي الراء والدال. لكنه على مستوى المعنى, فرق بين أسبقية أحدهما على الآخر. ولاشك أن الإرادة تسبق الإدارة. لكن هذا الكلام يبدو ترفياً إذا كان الواقع يقول أن كلاً منهما يعيش منفرداً ومعزولاً عن صاحبه. وهنا بيت الداء عند الشعوب التي تعاني التأخر الحضاري والاجتماعي والاقتصادي. ومعنى هذا أن أي نهضة لأي فرد أو جماعة لا يمكنها أن تتحقق بدون اجتماع هاتين الحقيقتين. حقيقة الإرادة وحقيقة الإدارة. وفي واقعنا شواهد كثيرة للدلالة على ذلك. وإذا أسقطنا هذا النموذج التحليلي على واقعنا اليمني قبل الثورة وبعدها, أمكننا معرفة كيف أن الإدارة اللازمة للنهوض قد توفرت قبل الثورة, إلا أن النهضة لم تتحقق, وذلك لأن الإرادة كانت غائبة. وها نحن نرى الإرادة الشعبية والسياسية للتغير قد توفرت- بعد الثورة- على أعلى مستوى, إلا أن الإدارة- إدارة التغيير- مازالت ضعيفة, ربما لأن جهاز الدولة- وهو جهاز التغيير الأساس- مازال خارج نطاق سيطرة الإرادة السياسية الجديدة. والخوف كله أن تضيع من بين أيدينا هذه الفرصة التاريخية في التغيير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق