Custom Search

الأربعاء، 25 يوليو 2012



المجلة متوفرة في الاسواق ..

مقال متميز
عالم إنسان حر 1-5

تابع هذه السلسة.. وأدعو الآخرين لقراءتها.. قد تكون هذه السلسلة فاتحة خير لصناعة الإنسان الحر الذي يبني بلداناً حرة، لأن التغيير لا يبدأ من الميدان بل من داخل الإنسان

الحياة بُعدان أو عالمان، عالم صراعات من أجل التحكم، وعالم طليق حر. أكثر من 99% من البشر يعيشون عالم الصراعات، قلة قليلة يعيشون في بُعد العالم الحر. حتى الرواد، وهم ربما الأفضل استنارة في العالم العربي، يقع معظمهم في فخ صراعات التحكم. حتى أنا وفي دراستي لهذا الموضوع من سنين طويلة أكتشف نفسي في ممارسة لعبة التحكم أو الوقوع في فخها من قبل آخرين من وقت لآخر.

د.صلاح الراشد

في بعد العالم الحر: شفافية, ولقاء مع طاقة الملائكة، وحرية، وانطلاقة، وإبداع، وانجاز عظيم في أعمال بسيطة، وسحر التجلي للنوايا، ذبذبات عالية تذوّب أي طاقة شيطانية أو شريرة، ورضا، وسلام داخلي عميق وحقيقي، وحلول، وخيارات، واحتماليات أفضل، وسعة، وانشراحة، وحب مطلق, وعالم خالٍ من الخوف، والتأنيب، والتوتر، والحسد، والغيرة، وحب التملك، ومرض التعلق، والفكر المتحجر، والحكم على الأشياء والآخرين، والحرص المذل، ولبس الأقنعة. لكن قبل الدخول فيه والتعرف عليه دعونا نتعرف على عالم الصراعات (الأنواع الأربعة).

النوع الأول: الضحية
الضحية، أو ما يسميها ماركفيلد، "الفقير أنا" أو بوصف الكويتيين "يا مسكين يا أنا"، وبالأغنية العراقية الشهيرة "أنا المسجينة أنا، أنا اللي باعوني أنا"، وبالمثل المصري:" جت الحزينة تفرح مال اتلهاش مطرح"، وأمثالها الكثير في كل لهجة عربية، وتسعة أعشار الأغاني العربية والأشعار الدينية. أقول الضحية هي التي تُشعر من حولها بأنها المتضرر الأكبر، سلبية جداً، منسحبة، تتظاهر بالموت والمرض والتمارض، هدفها جذب طاقة واهتمام الآخرين من قبل التعاطف. هذه الاستراتيجية من أخطر الاستراتيجيات في إضعاف الآخرين وإخلال توازنهم, وكذا إيقاعهم في فخ التأنيب والشعور بالواجب.
الضحية يُشعرك بأنه مظلوم وأنك محاسب يوماً ما من قِبل من ينصره (في الغالب الله). أنت ظالم يجب أن تشعر بالتأنيب أو مظلوم أيضاً ويجب أن تتعاطف معه!. غالب الفكر الديني المتسلط مبني على هذا الأساس: التعاطف مع الحسين المظلوم، المسيح المصلوب، المسجد الأقصى المسلوب. نعم ثلاثة أرباع الخطاب الديني مبني على المسكنة، والربع الباقي على بقية الدراما المتسلطة التي سنذكرها لاحقاً في هذه السلسلة.
خطر الضحية في الأسرة والمجتمع كبير، وأنا شهدت إحدى السيدات من سنين وهي تمارس هذا النوع من التحكم حتى صار جميع أبنائها وبناتها خواتم بيديها تلعب بهم كيفما تشاء. مرض ابنها الأول وتوفي، ومرض الثاني وتوفي، ولها ولدان مريضان، وهي الآن مريضة وفي سن كبيرة, حيث بدأت تفقد الذاكرة, ومع ذلك كلهم محيطون بها، حياتهم شبه معطلة!. كل مسلسل كويتي كُتب هو تقريباً تعزيز رخيص ومؤذي لهذا المعنى. أنا لا أستطيع أن أصف لكم مدى اشمئزازي من المسلسلات الكويتية والتركية. ومن الشعوب التي وقعت في فخ دراما الشعب الفلسطيني "وينكم يا عرب؟"، ليس كله طبعاً، والعتب المستمر، والصراعات الدرامية الداخلية والخارجية, وقد أوقعه الإسرئيليون في هذا الفخ واستسلموا له. بالمقابل فإن الخصم معزز لهذا المعنى، بنى كيان دولته على هذا المزعم الكبير والدراما الخطيرة بأنه شعب تعرض للاضطهاد والظلم والقتل من قبل النازيين، فحقت له دولة مستقلة وحياة كريمة. ولأنه مضطهَد - بفتح الهاء - فإنه يمارس الاضطهاد اليوم! كما حال كل المضطهدين، فالضحية خطير جداً لو تحكم، إذ سيمارس الاضطهاد والظلم لأنه تعود على هذه الطاقة وارتضاها حتى صارت دائرة الارتياح الخاصة به.
أنت والضحية
يجب أن تعرف شيئاً مهماً. أنت بشر، تجتهد، تخطئ وتصيب، كما يجب أن تعرف أن الناس تموت وتمرض وتتعس وتتلف وتفقر لأنها تختار في العمق ذلك! أنت لا تستطيع أن تُتعس أي إنسان، ولا أن تمرضه، ولا أن تقتله، ولا أن تفقره، هذا مزعم فوق قدراتك، لأنها صفة إلاهية، ومتأسف أن أقول لك، أنك لا تملكها ولن تملكها يوماً من الأيام. دع الخلق للخالق. سر على الطريق الصحيح، لا يهمك من تراجع (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)، (قل آمنت بالله ثم استقم). يجب على كل قائد ومُربي ومسؤول عادل أن يدرك أن الناس ستشعره بالتأنيب طوال الوقت، ولو انقاد لهم لدمروه ودمروا أنفسهم. المتمسكنون مدمرون، يعيشون دور الضحية, ثم إذا تمكنوا جعلوا الناس الضحية. ولتعرف ذلك فانظر إليهم كيف يرون خصومهم!, يدعون عليهم بأشد الأدعية والعقاب، ولو كان الأمر لهم لتحكموا في الله ليبطش لهم وينتقم لهم طوال الوقت. والضحية ظالم في طاقته, لذلك هو يجلب طاقة الظلم والظالمين طوال الوقت. ولو وضعته في بيئة آمنة يختلق مشكلة فيها ظالم ومظلوم!
في الجزء الثاني: كيف تكشف طاقة الضحية؟ كيف تتعامل معه؟ كيف تتخلص من هذه الطاقة لو كنت فيها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق