عائشة الصلاحي
البُعد الخامس
تظن نفسك على قيد الحياة.. حتى تعيش الحب فتتأكد أنك كنت ميت مع وقف التنفيذ و أن حياتك للتو بدأت معه!!!!
فمن غير الحب يشد العزم لإكمال الدرب العسير وسط الأشباح و الأشلاء؟ ومن غير الحب يُشرق في النفس بالأمل حين تنطفأ كل الشموس دفعة واحدة؟ ومن غيره يسند قدميك المرتجفتين لتقف من جديد بعد السقوط المؤلم؟ من غيره ينشر على القلب الصبر حين تنغلق كل الأبواب و يخونك من كان ما كان؟
من غيره يُعيد للآفاق شروقها حين تُظلم جنبات السماء؟ من غيره يُعيد إليك زمام المبادرة حين تشعر أنك مجرد كرة يتقاذفها لاعبون فاشلون؟ من غيره يُقنعك بالمحاولة مرة أخرى إثر فشلك المُكلَّف؟ من غيره يمنحك الشجاعة لتخوض غمار الجديد المخيف؟من غيره يطبب الحروق الملتهبة من ظلم البشر لبعضهم.. من وحشية أشباه البشر على الأناسي الضعيفة؟
الحب ذلك الحنين الصاعد للمعالي عندما تخطف المنايا أحلامك.. حين يرحل كل الوطن من حولك ويسكن في كوابيسك، حين تضيق الدنيا كأنها ثقب أبرة على آمالك الشاسعة؟ الحب ذلك النبض المتدفق للحياة عندما تغادرك أمنيات البقاء.. عندما تغادرك أنفاس الأمل.. .عندما تغادرك كل أشيائك الجميلة.
الحب إلهامك الجميل حين تهجرك الإلهامات كلها.. وهو إبداعك حين تحاصرك جيوش الروتين.. الحب هو المدد الذي تحتاجه لتصمد في وجه من يضطهدك..
حين نحب يختفي الألم!!!
لا ندري أين يذهب؟؟!! لكنه يذهب بعيداً خلف الجبال.. حين نحب تشفى الجراح.. كل تلك الكدمات و الرضوض و الخدوش التي أصابتك طوال السنين.. كُلها تشفى و كأنك تناولت أكسير سحري الأثر, خرافي المذاق،حين نحب تصير البلايا رمالاً بين الأصابع, و الكروب حطاماً تحت الأقدام.. بل تنشد الصعوبات لأن اجتيازها هي طريقتك المُثلى لتُثبت لمن تُحب أنك قد صرت بفضل حبه أقوى مما كنت عليه..
حين تُحب تُصبح الأمور على ما يرام.. تشعر بالأمان ليس لأنك لا تحتاج شيء, و ليس لأنك لا تفتقد شيء, بل لأنك تحس بالاكتفاء, فيكفي أن من تُحب موجود.. إذاً لا بأس سيصبح كل شيء على ما يرام بطريقة ما.. .
حين نحب تشف أرواحنا, و تروق صفحة أفكارنا, و تظل تردد في أعماقك:"أهذه التي يسميها الناس سكينة؟؟ياااااااه ما أجملها" !!!
حين نحب تصفو الأمنيات ويتضح الطريق.. تشدو الأحلام و تتألق الرسالات, و تصير الدنيا غير الدنيا التي عرفت، تصبح فجأة صاحب قضية تُحركك القيم و تبعثك المثُل..
حين تحب يتحدث إليك قلبك بأجمل كلمات الأمل و بأحكم عبارات التفاؤل و كأنه لقمان الحكيم..
حين تحب تصبح فارساً جسوراً وكأنك لم تعرف الخوف قط.. وكأنك بطل من أبطال الأساطير.. حين تحب تسمو روحك, فتحب العالم, و تحب الله أكثر, و كيف لا تحبه و قد خلق لك من تأنس إليه و تأوي تحت جناحه..
باختصار حين نحب فإننا نكون قد مررنا في قلب الوجود وشربنا من رحيق الحياة..
للأسف قد تختلط عليك الأمور و تظن أن(ما تشعر به حُباً)، لكن الحقيقة أنك إذا لم تكن ذاك الذي في الأسطر السابقة فأنت غارق في شعورات أخرى أدنى و أقل مكانة، و ستكون ضارة عليك في المآلات. فأحذر.. فالحب سبيلٌ آخر غير ما تظن, وغير ما ملئت به الدنيا من ضجيج في كل وسائل غسيل الأدمغة.. فحين نحب لا شيء فينا ينحدر للأسفل.. لا شيء يتهاوى.. فإن أصابك تدهور بطريقةً ما، أو لم تشعر بما سبق من مقامات عالية، وحلاوة سامية, فلا تسأل أحداً عن ذلك، فما تشعر به وتحسبه حباً هو في الحقيقة شعور آخر غير الحب.. للأسف أنت لم تحب بعد.. فتعلم حقيقة الحب معنا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق