Custom Search

الاثنين، 18 نوفمبر 2013

تمــرد نظر إلى عيني أمه الدامعتين من خلف القضبان وهي تدس له طعاماً من ال

العدد 101 . متوفر في الاسواق


تمــرد
نظر إلى عيني أمه الدامعتين من خلف القضبان وهي تدس له طعاماً من النافذة الفاصلة بينهما, أطرق بخجل, والذكريات تأخذه إلى زمن ما في الماضي.
عاد إلى اللحظة التي وقف فيها في وجه أمه التي ربته وإخوته الأيتام صارخاً:" أنا رجل وأستطيع الاعتماد على نفسي, لست محتاجاً لمساعدة أحد".
***
ترك دراسته وهو في المرحلة الإعدادية ليعمل في إحدى الحافلات, رغم توسلات أمه بأن يكمل دراسته ليحصل على وظيفة جيدة تعوضه وأهله الحرمان والشقاء الذي عاشوه منذ رحل والدهم وتركهم على قارعة البؤس.
كانت أمه تعمل خادمة في البيوت والمكاتب لتوفر له ولإخوته الأربعة لقمة العيش, وكان هو الأخ الأكبر الذي يهرب من محاولاتها لجعله أباً مسئولاً عن إخوته, في حين أراد هو أن يكون كما يريد, استسلمت لتمرده حتى لا تخسره, وقلبها يتمزق وهي تراه يتخبط في أعمال منهكة, بائع جرائد, صبي ورشة, (محاسب باص), حمال حجارة, شعرت به يضيع من يديها وهي لا تملك أن تفعل شيئاً حياله.
***
- يا ولدي أنا لا أريد منك سوى أن تتفرغ لدراستك وأنا سأنفق عليك.
- ولماذا تنفقين عليّ أنا رجل وأستطيع الاعتماد على نفسي.
- لا أريد أن ينتهي بك الحال مثلي, أريدك أن تتعلم, أريدك أن تضمن مستقبلاً جيداً لتكون عوناً لأخوتك من بعدي.
- لن أنتظر كل هذه السنين في الدراسة وأنا قادر على كسب المال.
- هل تسمي هذا الفتات الذي تجنيه بذل ومهانة وتعب مالاً, ثم بعد كل هذا تنفقه على السجائر والقات؟
- هذا مالي وأنا أنفقه كما أريد.. ثم أنني وجدت طريقاً جديداً لكسب المال دون تعب..

***

كان يمضغ القات في ذلك المجلس الوثير مبتهجاً بصحبة جماعة من الفتية الأغنياء, الذين يقهقهون منتشيين, وكل منهم يضع سلاحه أمامه, أو يتركه على خاصرته للتباهي, كان مرافقاً لذلك الشاب المترف الذي كان يرمي له بأغصان القات, فيأخذها وهو يشعر بالزهو لما وصل إليه, ويرسم أحلاماً لمستقبل يساعده فيه سيادته ليجد عملاً يعود به إلى أمه منتصراً, وليثبت لها أنه كان دائماً على حق.
أفزعته من شروده طلقات رصاص إثر مشادة كلامية بين جماعة منهم, اشتعل بعدها المجلس, كان عليه أن يدافع عن سيده حين صرخ طالباً المساعدة.. ليطلق النار في فورة غضب.

***
وضعت أمه الطعام في يده والحسرة تملأ قلبها, نظر إليها بندم وتوسل, لكنها لم تكن تملك شيئاً, لم يكن لديها ما تفعله غير البكاء.



من العدد "100" مجلة نجاح..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق